فركب الفتيان، وعقدوا العذب الصفر، في القنا الحمر، وجعلوا يتجولون. فلما أردنا الانصراف، قال بعضنا لبعض: ألا تجعلون طريقكم على الذلفاء! لعلها إذا نظرت إليكم تسلت بمن بقي عمن هلك! قال: فخرجنا نؤمها فأصبناها بارزة من خبائها، وهي كالشمس الطالعة، إلا أنه يعلوها كسوف الحزن، فسلمنا عليها، وقلنا: يا ذلفاء؛ إلى متى يكون هذا الوجد على نجدة! أما آن لك أن تتسلي بمن بقي من بني عمك عمن هلك؟ ها نحن أولاء سادات قومك وفتيانهم ونجومهم، وفينا السادة والذادة؛ والبأس والنجدة. فأطرقت مليا، ثم رفعت رأسها باكية وهي تقول: صدقتم إنكم لنجوم قومي، ليوث عند مختلف العوالي؛ ولكن كان نجدة بدر قومي، وكهفهم المنيف على الجبال! فما حسن السماء بلا نجوم، وما حسن النجوم بلا هلال!
— قصص العرب
(book)
by إبراهيم شمس الدين
(see stats)
|